بنكيران ينتعش بالجنائز ويرتدي جلباب "الواعظ الديني" في المقابر
بجلْبابٍ أسْودٍ ولحيةٍ كثيفة وأمَام جموعٍ غفيرةٍ من النّاس، ظهرَ عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، في إحدى المقابر لتشْييعِ جنازة أحد المتعاطفين مع الحزب، قبلَ أنْ يقُوم بإلقاءِ خطاب وعظي ديني، أوْصى من خلالهِ الحاضرين بالاستقامة في أمور الدنيا حتى "نلقى الله ونحنُ مؤمنون"، وفق تعبير الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية.
وباتَ حضورُ بنكيران في الجنائز والمقابر طاغياً ولافتاً للأنظار، خاصة بعدما أصبحتْ خرجاته تُنقل بطريقة مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيثُ يتكلّف سائقه الشخصيبنقلِ مراسيم الجنازة التي يحضرها، بالإضافة إلى كلمته أمام الجموع عبْر تقنية "الـLive".
وحضرَ بنكيران، الذي ابْتعد عن الأضواء والميكرفون، تشْييع جنازة والد غنامي محمد، نائب رئيس مقاطعة الفداء، في إحدى مقابر مدينة الدار البيضاء، مورداً أنه "تركَ مشاغل الدنيا وقاطعَ اجتماعاً كان سيحضرهُ وتوجّه صوب المقبرة لحضور جنازة الأخ غنامي، الذي عرفت فيه عدة خصال حميدة الذي من حقه عليَّ أن أكونَ معه في هذه الساعة".
ودعا بنكيران، واقفاً على رأس قبر المُتوفى، الحاضرين بلغة المرشد والنّصوح إلى الاستقامة في الدنيا، وقال: "نحن لسنا طائفة وليس كلُّ من دَخل معنا قد وضع رجله في الجنة، ولا كل من خرج منا فهو مهدد بجهنم، ولن نعلم مصيرنا إلى حين أن نلقى الله"، قبل أن يقوم بالترحّم على رجالات الدعوة الإسلامية في المغرب واحداً واحداً، مُخصا بالذكر عبد الله باها، صديقه في المشوار الطويل في الدعوة الإسلامية.
وبلغة الوعْظ، خاطبَ بنكيران، الذي كانَ مرفوقاً بحراسه الشخصيين، الحاضرين قائلاً: "وفاة آبائنا، أي الجيل الأول من دعوتنا، إنذار مبكر لوفاتنا نحنُ. ونرجو الله أن يزيد إيماننا حتى نلقاهُ ونحن مؤمنون"، مشيرا إلى أن "الاستقامة مطلوبة كل وقت وفي كل شيء؛ في العمل، في الكلمة، في النظرة، في العلاقة مع غيرنا".
ويرى علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، في تعليقه على حضور بنكيران الدائم في الجنائز والمقابر، أنَّ في ذلك رسالة تعكسُ أنَّ رئيس الحكومة الأسبق يريدُ أن يلْعب على كلّ الواجهات الدينية والاجتماعية والأخلاقية، خاصة أنَّه يقرُّ نفسياً بأن باب العودة إلى المجال السياسي قد أُقفلَ نهائياً في وجههِ".
ويشير الشعباني، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى أن "بنكيران يحضرُ في جنازات لتشييع شخصيات عادية، وفي مقابر أخرى لتشييع جنازات شخصيات سياسية ورياضية. كما يحضرُ للترحم على قبور موتى قضوا"، مورداً أن "هذا الحضور الدائم في المقابر يعكسُ محاولة بنكيران الحفاظ على شعبيته".
ويزيدُ الباحث والأستاذ الجامعي قائلاً: "بنكيران مقتنع بأنه لن يلتقي مع المواطنين سياسياً، ولذلك التجأ إلى المنفذ الديني والاجتماعي حتى يقول للمغاربة بأنه لا يزال حياً وفاعلاً موجوداً"، مشيراً إلى أن "بنكيران يحاول لعب دور الفقيه، الذي يخرجُ في الجنائز ويزور المرضى، بدل دور السياسي الذي لم يعدْ موجوداً".