انتظارات كبيرة تعلقها ساكنة اقليم تارودانت على رجال السلطة الجدد
أحمد الحدري
صورة من الأرشيف لوزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت
يستقبل اقليم تارودانت ويودع على رأس كل أربع سنوات أو تزيد رجال سلطة من مختلف الأسلاك والرتب ، منهم من ينجح في مهمته ومنهم من يفشل ، فالذين نجحوا في أداء مهامهم يرقون في سلالم السلطة ،والذين فشلوا اما يقهقروا من درجات المهام الموكولة لهم أو يبقوا فيها ،لكن السؤال الغائب دائما هو أين نجح هؤلاء وأين فشل أولائك .
ان رجال السلطة الذين يستقبلهم و يحتاجهم اليوم اقليم تارودانت باعتباره واحدا من أكبر الأقاليم المغربية من حيث عدد الجماعات القروية والبلدية (89) جماعة ترابية جلها ذات طابع قروي وجبلي ، هم رجال سلطة استثنائيون ، فاذا كان اهتمام الدولة التنموي قد غاب عن هذا الاقليم لعقود خلت لأسباب لا نعلمها ، خاصة اذا علمنا أنه باستثناء النشاط الفلاحي المصدر الأساسي للعيش و للتشغيل الذي أنجز بسواعد ابنائه رغم اجحاف القروض التمويلية المبالغ في فوائدها والتي كانت سبب افلاس العديد من فلاحي الاقليم ،فاننا لانكاد نجد أي انجاز للدولة بهذا الخصوص في هذا الاقليم ؛حيث لا معامل ولا أوراش كبرى بامكانها أن تساهم في امتصاص بطالة الاقليم مما سبب في هجرة الآلاف من أبناء اقليم تارودانت نحو مدن المغرب النافع حيث فرص الشغل والحياة أفضل ، وهو الأمر الذي كان سببا في اختلال التوازن بين انسان هذا الاقليم ومجاله الجغرافي والبيئي الواسع .
إن اقليم تارودانت الذي يعاني من الهشاشة والفقر والأمية ومختلف انواع الامراض الاجتماعية بحاجة لرجال سلطة مؤهلين اداريا طبعا وهذا مشهود لهم به ، يملكون مؤهلات في الميدان الاجتماعي ، والسياسي والثقافي وفي مجال التواصل ، وأكفاء كذلك في مجال ادارة عجلة التنمية بالمناطق التي سيشتغلون أو يشتغلون بها باعتبارهم يمثلون أقوى جهاز في الدولة ؛ المدبر للسياسة الأمنية و الوصي أيضا على الجماعات الترابية ومراقبةالنشاط السياسي والنقابي و المجتمع المدني في شموليته .
إن رجل السلطة بهذا الحجم الكبير من المهام الموكولة اليه ، وفي اقليم مثل تارودانت بهذا الكبر وبهذا الحجم من ملامح الفقر البارزة المعالم في كل ربوعه ، يجب أن يكون رجل سلطة استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، فهو الى جانب دوره السلطوي الضابط للمشهد العام ، يجب أن يكون موسوعيا وملما بكل أوضاع الاقليم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتنموية ، ولعل أهم الجوانب التي على رجال السلطة بهذا الاقليم الاهتمام بها هو الجانب التنموي ، فالعديد العديد من قرى ومداشر اقليم تارودانت تعاني من الفقر والهشاشة والتهميش الممنهج ، ومن انتشار الأمية وغياب الرعاية الصحية ، وقد يحدث أحيانا أن تكون بعض الصراعات السياسية عنصرا مهما في عرقلة العديد من المبادرات التنموية مما يحرم المئات بل والآلاف من حقهم في التنمية ، وان من أبشع هذه المعضلات أن تجد بعض المنتخبين من أشد المعارضين والمعرقلين لبعض المشاريع التنموية داخل جماعته ، لا لشيء الا لأنها لا تخدم مصلحته الشخصية أو انها تهدد مستقبله السياسي لانها فقط أنجزت من فئة أو من جماعة لاتشاركه نفس الانتماء السياسي داخل الجماعة او داخل الاقليم ،وهنا تكمن أهمية رجل السلطة الجديد الذي تنتظره الساكنة ليكون إطفائيا ومحركا لعجلة التنمية ،مواسيا ومشجعا وجالبا للمشاريع التنموية الجادة والهادفة لانتشال الساكنة من فقرها وبؤسها الذي طال أمده.
اقليم تارودانت بحاجة لرجال سلطة واعون بحاجيات ساكنة الاقليم الكثيرة والمختلفة ، ليس هذا فحسب وانما رجال سلطة مؤهلين للانخراط الفعلي والتشاركي مع المجتمع المدني المحلي ومع الجماعات الترابية في رصد وتقييم حاجيات الساكنة في مختلف المجالات التنموية التي تحتاجها الساكنة على وجه السرعة اليوم ومن أهما ؛توفير الماء الصالح للشرب والمحافظة على البيئة واصلاح الطرق وشق المسالك ، والمشاريع المدرة للدخل لتخفيض أعداد العاطلين بالبوادي والجبال والاحياء الهامشية بمدن الاقليم . غير أن كل ذلك لن يتم ولن يتأتى اذا بقي رجل السلطة منعزلا عن المجتمع ومكتفيا بالقبوع في مكتبه الوظيفي ،لأداء وظيفته الادارية المكتبية فحسب دون التوسع للاضطلاع بدوره الوطني كاملا في تنمية المجال الترابي الذي يديره ويشتغل به ، وهو ما أكد عليه جلالة الملك في خطابه المتعلق بالمفهوم الجديد للسلطة حين قال :” ونريد في هذه المناسبة أن نعرض لمفهوم جديد لسلطة وما يرتبط بها مبني على رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية وتدبير الشأن المحلي والمحا فضة على السلم الاجتماعي. وهي مسؤولية لا يمكن النهوض بها داخل المكاتب الإدارية التي يجب أن تكون مفتوحة في وجه المواطنين ولكن تتطلب احتكاكا مباشرا بهم و ملامسة ميدانية لمشاكلهم في عين المكان وإشراكهم في إيجاد الحلول المناسبة والملائمة.
إن على إدارتنا الترابية أن تركز اهتمامها على ميادين أضحت تحظى بالأهمية والأولوية مثل حماية البيئة والعمل الاجتماعي وبان تسخر جميع الوسائل لإدماج الفئات المحرومة في المجتمع وضمان كرامتها “.
وتلك هي أهم انتظارات ساكنة اقليم تارودانت من رجال السلطة الجدد الذين نرحب بهم وأملنا أن يكونوا في مستوى التطلعات .
بقلم أحمد الحدري